البدع التي يفعلها بعض المسلمين عند زيارتهم لأضرحة آل البيت

أوضحت دار الإفتاء المصرية بعد ظهور فتاوى متشددة تنكر بعض الأمور على المسلمين كالاحتفال بالمولد النبوى واعتبار ذلك بأنه بدعة.
وعند سؤال الشيخ أحمد عصمت إمام وخطيب مسجد السيدة زينب عن مفهوم البدع الصحيح في الاسلام، أضاف أنه لا بد أن نتعرف علي معناها في اللغة ومعناها في الاصطلاح الشرعي أولاً وقال:-
البدعة فى اللغة: هى الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال، قال ابن السكيت: البدعة كل محدثة.
وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا فى الذم، وقال أبو عدنان: المبتدع الذى يأتى أمرا على شبه لم يكن ابتدأه إياه، وفلان بدع فى هذا الأمر أى أول لم يسبقه أحد، ويقال: ما هو منى ببدع وبديع.. وأبدع وابتدع وتبدع: أتى ببدعة، قال الله تعالى: ﴿ورهبانية ابتدعوها﴾.
وبدعه: نسبة إلى البدعة، واستبدعه: عده بديعا، والبديع: المحدث العجيب، والبديع: المبدع، وأبدعت الشىء: اخترعته لا على مثال “لسان العرب” بتصرف.
وأضاف الشيخ سامي عبد الرحمن إمام مسجد السيدة عائشه أن العلماء فى تعريف البدعة شرعا مسلكان:-
المسلك الأول: وهو مسلك الإمام العز بن عبد السلام؛ حيث اعتبر أن ما لم يفعله النبى صلى الله عليه وآله وسلم بدعة، وقسمها إلى أحكام، حيث قال فى “قواعد الأحكام فى مصالح الأنام: (البدعة فعل ما لم يعهد فى عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهى منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق فى معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت فى قواعد الإيجاب فهى واجبة، وإن دخلت فى قواعد التحريم فهى محرمة، وإن دخلت فى قواعد المندوب فهى مندوبة، وإن دخلت فى قواعد المكروه فهى مكروهة، وإن دخلت فى قواعد المباح فهى مباحة).
وأكد الإمام الحافظ ابن حجر العسقلانى هذا المعنى؛ حيث قال فى “فتح البارى”: (وكل ما لم يكن فى زمنه يسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسنا، ومنها ما يكون بخلاف ذلك).
والمسلك الثانى: جعل مفهوم البدعة فى الشرع أخص منه فى اللغة، فجعل البدعة هى المذمومة فقط، ولم يسم البدع الواجبة والمندوبة والمباحة والمكروهة بدعا كما فعل الإمام العز بن عبد السلام، وإنما اقتصر مفهوم البدعة عنده على المحرمة، وعلى ذلك جماهير الفقهاء، وممن ذهب إلى ذلك الإمام ابن رجب الحنبلى، ويوضح هذا المعنى فيقول فى “جامع العلوم والحكم”: (المراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له فى الشريعة يدل عليه، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغة).
وفى الحقيقة فإن المسلكين اتفقا على حقيقة مفهوم البدعة المذمومة شرعا، وإنما الاختلاف فى المدخل للوصول إلى هذا المفهوم المتفق عليه، وهو أن البدعة المذمومة التى يأثم فاعلها شرعا هى التى ليس لها أصل فى الشريعة يدل عليها، وهى المرادة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه مسلم فى “صحيحه” عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما: «كل بدعة ضلالة».
وأوضح الشيخ زكريا مرزوق إمام وخطيب مسجد السيدة رقية بنت الإمام علي (رضي الله عنه) عند سؤاله عن البدع التي يمارسها بعض المسلمين عند زيارتهم لآل البيت وقال:-
ما يؤخذ من المال والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى ضرائح الأولياء تقربًا إليها فحرام بإجماع المسلمين، اتخاذ الناس المقابر والأضرحة موسمًا من مواسمهم وعيدًا من أعيادهم يشدُّون إليها الرحال كما تشد لزيارة بيت الحرام، تعليق الشموع والمصابيح حول الأضرحة، الستور التي توضع على الأضرحة، الطواف حول الأضرحة، اعتقاد نساء مصر أن زيارة ضريح المغاوري يشفي من العقم.
وأضاف ان الكثير من الناس تعتقد في كثير من أضرحة الأولياء اختصاصات كاختصاصات الأطباء، فمنهم من ينفع في مرض العيون، ومنهم من يشفي من مرض الحمى، ومنهم من يزعم في ضريح مسعود الجارحي بمصر القديمة وضريح المغربي ببولاق رحمهما الله أن زيارتهما على شروطها المعهودة تقي من أمراض الجان، وتقديم عرائض الشكاوي وإلقاؤها داخل الضريح زاعمين أن صاحب الضريح يفصل فيها.
وأضاف فضيلة الشيخ كرم محمد إمام مسجد السيدة سكينة عند سؤاله عن دور القادة الدينيين والمراجع الدينية في التوعية من البدع وقال:-
إن هذه الأفعال ليست مستندة إلى أدلة شرعية في الإسلام، إنها بدع مبتدعة تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الأصيل وقد تجدر الإشارة إلى أن الأدلة المستخدمة لدعم هذه البدع هي عادةً أحاديث ضعيفة أو موضوعة وتفسيرات مبالغ فيها للنصوص الدينية ويجب تحذير الناس من البدع وتوجيههم إلى السنة المحمدية الصحيحة وهو واجب على القادة الدينيين والمراجع الدينية وأن يتم توضيح الضرر الذي قد ينجم عن الابتعاد عن السنة المحمدية والتمسك بالبدع والتأكيد على أن الطريق للوصول إلى الله والتقرب إليه هو اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وينبغي أن يتم تعزيز الوعي بأن الإسلام ليس مجرد مجموعة من العبادات الظاهرية والتقاليد الثقافية، بل هو نظام شامل يتضمن تعاليم دينية وأخلاقية واجتماعية وعلى المسلمين فهم أن العمل الصالح والعبادة الصحيحة تكون وفقًا للسنة المحمدية والأدلة الشرعية الموثوقة.
وفي نهاية الحديث يجب على المسلمين أن يعتمدوا على المصادر الشرعية المعترف بها لتحديد العبادات والأعمال الصالحة وإن التوجيه الديني السليم والتثقيف الشامل هما المفتاح لتعزيز الفهم الصحيح للإسلام وممارسة العبادات بطريقة مقبولة وصحيحة.

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا