يعد آل البيت رمزاً مهماً في الثقافه والتاريخ الإسلامي، حيث يشتهرون بمكانتهم الخاصه والتبجيل العالي الذي يحظون به ويتميزون بعادات وتقاليد فريده تميزهم عن غيرهم من المسلمين، ومن المعروف عنهم بأهل البيت أو أهل البيت النبوي، وهم الأشخاص الذين يحملون صلة قرابة بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم من الجانب النسبي، يتميز آل البيت بتاريخه العريق ومواقفه البارزه في الإسلام، ومع تمتع آل البيت بمكانه خاصة، تتوارث الأجيال العادات والتقاليد الخاصة بهم التي تعكس قيم وتراث آل البيت المبارك.
الأعياد والاحتفالات:-
يشهد آل البيت العديد من الأعياد والإحتفالات التي تعكس الفرحة والتقدير لدورهم الهام في تاريخ الإسلام، وتبلغ ذروة احتفال المصريين بهذه الموالد فى المولد النبوى من كل عام هجرى – وفى هذا المولد تغطى الاحتفالات به كل أرجاء المحروسة، وقد حرص المصريون على الاحتفال به احتفالا يفوق البلدان العربية الأخرى، وواحده من ابرز هذه الأعياد هي عيد الغدير الأغر، الذي يحتفل به في الثامن عشر من شهر ذي الحجة، ويُعد هذا العيد مناسبة للاحتفال بتعيين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه خليفة على المسلمين بعد النبي محمد صلي الله عليه وسلم، ويوثق الكثير من كتب التاريخ بدءا من «خطط المقريزى» لمظاهر احتفال المصريين بهذه المناسبة وبخاصة بعدما كرس الفاطميون لطابع المأكل الذى ارتبط بغير مناسبة إسلامية لدى المصريين حيث صار الطعام ملمحا ملازما لكل مناسبات المصريين، وعلى حد ما ورد فى خطط المقريزى- حرص الفاطميون على إحياء الموالد الستة: الإمام الحسين (5 ربيع الأول)، ومولد السيدة فاطمة الزهراء (20 جمادى الآخرة)، ومولد الإمام على (13 رجب)، ومولد الإمام الحسن (15 رمضان)، ومولد الرسول صلي الله عليه وسلم (12 ربيع الأول)، وأخيرًا مولد الخليفة الحاكم للبلاد. (بن علي بن عبدالقادر، الحسيني العبيدي، و المقريزي، 1998) وفى كتاب «تاريخ الاحتفال بمولد النبى ومظاهره فى العالم» للمؤلف محمد خالد ثابت أن الفاطميين ليسوا أول من احتفل بالمولد النبوى وإنما الملك المظفر أبوسعيد كوكبرى ملك إربل الذى توفى سنة 620 هجري هو أول من احتفل بالمولد فى زمن السلطان صلاح الدين الأيوبى. (خالد ثابت، 2011).
وقد ذكر في كتاب «ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى» عند قيام الدولة الفاطمية في مصر والشام ولم يرتضِ المسلمون في مصر والشام سيرتهم في الحكم، وطريقتهم في إدارة شؤون الناس، فخاف بنو عبيد من ثورة الناس عليهم، فحاولوا استمالة قلوبهم، وكسب عواطفهم بإحداث الاحتفالات البدعية، فاخترع حاكمهم آنذاك الملقب: المعز لدين الله العبيدي: مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- وموالد لفاطمة وعلي والحسن والحسين ولجماعة من سلالة آل البيت -رضي الله عنهم- وأرضاهم. (بن محمد الصغير، 2019) وفى كتاب «علماء المغرب ومقاومتهم للبدع والتصوف والقبورية والمواسم» للمؤلف أبو سفيان مصطفى باحُّو السلاوي المغربي أن أول من أحدث الاحتفال بالمولد النبوي هم الفاطميون العبيدون. (مصطفي باحو السلاوي المغربي، 2007) ومما نري ان لدي المسلميين تاريخ عريق لمحبتهم للأولياء، ويؤمنون بـ «بركاتهم» ويتلمسون لديهم طاقة روحية بالتقرب إليهم والتماس البركة فى حوارهم مع أضرحتهم.
الزيارات الدينية:-
تعتبر زيارات آل البيت في مصر مناسبات دينية مهمة يتوافد إليها المسلمين من جميع أنحاء البلاد، ومن ابرز هذه الزيارات هي زيارة الإمام الحسين ولقد أوضح عالم الأزهر الشيخ/ جواد رياض في حوار مع وكالة مهر للأنباء أن السنة تعترف بالمجهود والمحاولات التي قام بها الإمام الحسين من أجل إقامة العدل والحق، ومن أجل القضاء على الباطل والمنكر، وأشار إلي أن زيارة الإمام الحسين عليه السلام تعني من وجهة نظر أهل السنة، زيارة قرب ومودة لواحد من أشد أحباء النبى صلى الله عليه وآله وسلم إذ إن الحسين هو ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو سيد شباب أهل الجنة. (جواد، 2018) وتتضمن هذه الزيارات الأدعية والتلاوات القرآنية والتأمل في أهمية آل البيت.
التراث الشعري والأدبي:-
إن آل البيت يتميز بتراث شعري وأدبي غني يعبر عن الحب والولاء لهم وعن الأحداث التاريخية الهامة التي مروا بها، ويتميز الشعر النبوي بالوجوه المشرقة والأسلوب البليغ، وعادة ما يتم تلاوة وإلقاء الشعر النبوي في المناسبات الخاصة والمحافل الدينية، ولقد جاءت قصائد كثيره في حب آل البيت ومنها قصيدة (آل بيت رسول الله) وقال فيها الإمام الشافعي في أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :(يا آلَ بَيتِ رَسولِ اللَهِ حُبَّكُمُ فَرضٌ مِنَ اللَهِ في القُرآنِ أَنزَلَهُ يَكفيكُمُ مِن عَظيمِ الفَخرِ أَنَّكُمُ مَن لَم يُصَلِّ عَلَيكُم لا صَلاةَ لَهُ).
العادات والتقاليد:-
تحظى آل البيت بتقاليد وعادات خاصة ترتبط بالقيم الإسلامية والتربية النبوية مثل: الاحترام والتقدير ويعد الاحترام والتقدير لكبار السن والأجداد جزءًا مهمًا من ثقافة آل البيت، والعزاء والتعازي – والزيارات العائلية – والاعياد والمناسبات الدينية – والاحتفال بالمناسبات الخاصة، والتضامن والمحبة بين أفرادها، كما أن الأكبر سناً لهم دور قيادي في اتخاذ القرارات المهمة، تتضمن العادات أيضًا الاجتماعات الأسرية الدورية والاحتفالات بالمناسبات العائلية مثل الزواج والمولدات والأعياد.
التعليم والنصح:-
حيث تعطي آل البيت أهمية كبيرة للتعليم ونشر المعرفة ويتم تعليم الأجيال الصغيرة قيم الإسلام ومبادئه الأخلاقية من خلال القصص والحكايات التي تروى لهم، وهناك بعض النصائح ومنها وأهمها التربية الدينية للأجيال القادمة وأهمية التعليم والقيم والاخلاق التي يجب أن يتحلو بها، كما يؤدي الأفراد الأكبر سناً دورًا مهمًا في تقديم النصح والإرشاد للأجيال الصغيرة وتوجيههم نحو الطريق الصحيح.
الخدمة الإجتماعية:-
يتميز آل البيت بروح الخدمة الاجتماعية والعمل الخيري ويعتبر العطاء ومساعدة الفقراء والمحتاجين من القيم الأساسية لأل البيت، ومن أمثلتها مساعدة الأفراد الذين يعانون من ضائقه ماليه والدعم النفسي والعاطفي ورعاية المسنين والدعم التعليمي، ويتم توفير الدعم المادي والمعنوي للمجتمع والمشاركة في الأعمال الخيرية والمشاريع التنموية.
التسامح والعدل:-
تعلّقت آل البيت بمفهوم التسامح والعدل، ويتم تعزيزهما في العلاقات الأجتماعية، ويتم تعليمهم الصبر والتسامح وحل النزاعات بطرق سلمية وعادلة، وتتمثل هذه القيم في تعاليم الإمام الحسين والإمام علي والأئمة الآخرين من آل البيت.
تتميز عادات وتقاليد آل البيت بالتركيز على العبادة والأخلاق والقيم الأسرية والاجتماعية والعطاء الخيري، وتعكس هذه العادات والتقاليد تراثًا ثقافيًا غنيًا يعبر عن الحب والتقدير لآل البيت ودورهم الهام في تطور الإسلام، ويجب الاحتفاظ والحفاظ على هذا التراث ونقله للأجيال القادمة للحفاظ على الهوية الإسلامية والقيم النبيلة التي يمثلها آل البيت بالإضافة إلى القيم الأخرى النبيلة وهي:-
1. السمعة العادلة ويعتبرون مثالًا للعدل والاستقامة في الأفعال والقرارات ويحرصون على توزيع الحقوق والمسؤوليات بشكل عادل وعدم التحيز أو الظلم في التعامل
2. الصبر والثبات وهي من القيم المهمة في الإسلام، وآل البيت يظهرون هذه الصفة بشكل بارز فقد تحملوا الصعاب والمحن بصبر وثبات، ولم يفقدوا الأمل أو الثقة في الله في وجه التحديات
3. تقديم العلوم والمعرفة للجمهور، ويعكفون على نقل المعرفة وتعليم الناس في مختلف المجالات، سواء كان ذلك في العلوم الدينية أو الفقه أو الأدب وغيرها
4. روح العطاء والكرم والعمل الخيري، ويسعون لمساعدة الفقراء والمحتاجين وإحسان الجيران وتقديم المساعدة للآخرين في حالات الضيق والحاجه
5. الحكمة والعقلانية في اتخاذ القرارات والتعامل مع الأمور، ويُعتبرون من الحكماء الذين يستخدمون العقل والتفكير السليم في مواجهة التحديات وحل المشكلات
هذه بعض القيم النبيلة التي يتميز بها آل البيت في الإسلام، ويجب الإشارة إلى أن هذه القيم ليست محصورة فقط على آل البيت، بل يجب أن تكون جزءًا من حياة المسلمين ككل وأن يسعوا لتحقيقها في حياتهم اليومية.